فصل: عزل ابن أبي دؤاد وولاية ابن أكثم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.انتقاض أهل أرمينية.

كان على أرمينية يوسف بن محمد فجاءه البطريق بقرط بن أسواط وهو بطريق البطارقة يستأمن فقبض عليه وعلى ابنه وبعث بهما إلى المتوكل فاجتمع بطارقة أرمينية مع ابن أخيه وصهره موسى بن زرارة وتحالفوا على قتله وحاصروه بمدينة طرون في رمضان سنة سبع وثلاثين وخرج لقتالهم فقتلوه ومن كان معه فسرح المتوكل بغا الكبير فسار على الموصل والجزيرة وأناخ على أردن حتى أخذها وحمل موسى وإخوته إلى المتوكل وقتل منهم ثلاثين ألفا وسبى خلقا وسار مدينة دبيل فأقام بها شهرا ثم سار إلى تفليس فحاصرها وبعث في مقدمته ربزك التركي وكان بتفليس إسحق بن إسمعيل بن إسحق مولى بني أمية فخرج وقاتلهم وكانت المدينة مشيدة من خشب الصنوبر فأمر بغا أن يرمى عليها بالنفط فاضطرمت النار في الخشب واحترقت قصور إسحق وجواريه وخمسون ألف إنسان وأسر الباقون وأحاطت الأتراك والمغاربة بإسحق فأسروه وقتله بغا لوقته ونجا أهل إسحق بأمواله إلى صعدنيل مدينة حذاء تفليس على نهر الكرمن من شرقيه بناها أنو شروان وحصنها إسحق وجعل أمواله فيها فاستباحها بغا ثم بعث الجند إلى قلعة أخرى بين بردعة وتفليس ففتحوها وأسروا بطريقها ثم سار إلى عيسى بن يوسف في قلعة كيس من كور البيلقان ففتحها وأسره وحمل معه جماعة من البطارقة وذلك سنة ثمان وثلاثين ومائتين.

.عزل ابن أبي دؤاد وولاية ابن أكثم.

وفي سنة سبع وثلاثين غضب المتوكل على أحمد بن أبي دؤاد وقبض ضياعه وحبس أولاده فحمل أبو الوليد منهم مائة وعشرين ألف دينار وجواهر تساوي عشرين ألفا ثم صولح عن ستة عشر ألف ألف درهم وأشهد عليهم ببيع أملاكهم وفلح أحمد فأحضر المتوكل يحيى بن أكثم وولاه قضاء القضاة وولى أبا الوليد بن أبي دؤاد المظالم ثم عزله وولى أبا الربيع محمد بن يعقوب ثم عزله وولى يحيى بن أكثم على المظالم ثم عزله سنة أربعين وصارده على خمسة وسبعين ألف دينار وأربعة آلاف حربو وولى مكانه جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان بن علي وتوفي في هذه السنة أحمد بن أبي دؤاد بعد ابنه أبي الوليد بعشرين يوما وكان معتزليا أخذ مذهبهم عن بشر المريسي وأخذه بشر عن جهم بن صفوان وأخذه جهم عن الجعد بن دهم معلم مروان.

.انتفاض أهل حمص.

وفي سنة سبع وثلاثين وثب أهل حمص بعاملهم أبي المغيث موسى بن إبراهيم الرافعي بسبب أنه قتل بعض رؤسائهم فأخرجوه وقتلوا من أصحابه فولى مكانه محمد بن عبدويه الأنباري فأساء إليهم وعسف فيهم فوثبوا به وأمره المتوكل بجند من دمشق والرملة فظفر بهم وقتل منهم جماعة وأخرج النصارى منها وهدم كنائسهم وأدخل منها بيعة في الجامع كانت تجاوره.

.إغارة البجاة على مصر.

كانت الهدنة بين أهل مصر والبجاة من لدن الفتح وكان في بلادهم معادن الذهب يؤدون منها الخمس إلى أهل مصر فامتنعوا أيام المتوكل وقتلوا من وجدوه من المسلمين بالمعادن وكتب صاحب البريد بذلك إلى المتوكل فشاور الناس في غزوهم فأخبروه أنهم أهل إبل وشاء وأن بين بلادهم وبلاد المسلمين مسيرة شهر ولا بد فيها من الزاد وإن فنيت الأزواد هلك العسكر فأمسك عنهم وخاف أهل الصغد من شرهم فولى المتوكل محمد بن عبد الله القمي على أسوان وقفط والأقصر وأستا وأرمنت وأمره بحرب البجاة وكتب إلى عنبسة بن إسحق الضبي عامل مصر بتجهيز العساكر معه وأزاحه عليهم فسار في عشرين ألفا من الجند والمتطوعة وحملت المراكب من القلزم والتمر والأدم إلى سواحل بلاد البجاة وانتهى إلى حصونهم وقلاعهم وزحف إليه ملكهم واسمه علي بابا في أضعاف عساكرهم على المهاري وطاولهم علي بابا رجاء أن تفنى أزوادهم فجاءت المراكب وفرقها القمي في أصحابه فناجزهم البجاة الحرب وكانت إبلهم نفورة فأمر القمي جنده باتخاذ الأجراس بخيلهم ثم حملوا عليهم فانهزموا وأثخن فيهم قتلا وأسرا حتى أستأمنوا على أداء الخراج لما سلف ولما يأتي وأن يرد إلى مملكته وسار مع القمي إلى المتوكل واستخلف ابنه فخلع القمي عليه وعلى أصحابه وكسا أرجلهم الجلال المديحة وولاهم طريق ما بين مصر ومكة وولى عليهم سعدا الإتياخي الخادم فولى سعد محمد القمي فرجع معهم واستقامت ناحيتهم.